نحو إستراتيجية لحماية التنوع البيولوجي في الجزائر

الدكتور/ وائل الزر يعي
باحث مختص في أداره النظم البيئية

يعرف التنوع البيولوجي بأنه عبارة عن تعدد أنماط الكائنات الحية في الوسط البيئي وتبعا لمنظمه الاغذيه العالميةفانه يشمل الكائنات النباتية و الحيوانية و خصائصها الوراثية بالاضافه إلى النظام البيئي الذي تعيش فيه لذا يمكن تقسيمه إلى عددي من جهة و جيني من جهة أخرى حيث يختلف التركيب الجيني داخل أفراد النوع الواحد .
ترجع ألا هميه البيئية لهذا التنوع كونه الضامن لتوازن الوسط الطبيعي و قدرته على استعاده عافيته في حاله تعرضه للتدهور وهو أيضا مصدر اقتصادي هام حيث تعتمد البلدان المتقدمة على الموارد البيولوجية في تطوير الصناعات الدوائية معتمدة على الخصائص الطبية للنباتات البرية كما أن المخزون الجيني لهذه النباتات هو مصدر لتطوير الزراعات و إنتاج السلالات المقاومة للأمراض كما يعتبر مصدر هام للغداء في البلدان النامية حيث تغطي الموارد البيولوجية 90 في المئه تقريبا من حاجات سكان المناطق الريفية .
الجزائر نظرا لاتساع مساحتها و تنوع مناخها تعرف تفرد خاص في مواردها البيولوجية و الجينيه فهناك 107نوع من الثدييات منها 47 محمية بموجب قوانين حماية البيئة و هناك 337 نوع من الطيور بالاضافه إلى حوالي 230نوع من الأسماك منها200 تعيش في المياه المالحة و 30 في المياه العذبة أما النباتات فهناك حوالي 3139 نوع منها 700 تعتبر الجزائر الموطن الأصلي لها.
يرتبط هذا التنوع من الشمال إلى الجنوب بتعدد النظم البيئية فهناك النظام البيئي الساحلي و الغابي و النظام البيئي الجبلي و السهبي و الصحراوي وكل منها يمتاز بتركيبه خاصة تختلف عن النظام المجاور سواءا من ناحية الغطاء النباتي إلى الحيوانات التي تعيش و تتعايش داخل هذا النظام .
في الوقت الحالي تتعرض هذه النظم لمجموعه من العوامل التي قد تؤدي باستمرارها إلى القضاء على العديد من الأنواع النادرة فمن هذه العوامل الرعي الجائر و التصحر حيث تؤدي هذه الظاهرة إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي بين الأنواع و سيادة بعض الأنواع والتي لا تمثل قيمه غذائية تذكر للماشية كانتشار نبات الحرمل في المناطق السهبيه على حساب منابت الحلفاء كذلك ظاهره الانجراف المائي في المناطق الجبلية و قطع الأشجار و حرائق الغابات وأيضا مشكله تلوث السواحل و إلقاء المخلفات الصناعية و الكيميائية في المياه العذبة و المالحة مما يهدد الثروة البحرية و السمكية.
إذا تحدثنا عن الأنواع التي في طور الانقراض على سبيل الذكر لا الحصر فهناك نبات الشيح والمعروف بخصائصه الطبية و كغذاء للماشية في المناطق السهبيه و الصنوبر الأسود الذي لا يوجد منه الآن سوى بضعه أفراد في المنتزه الوطني بجرجرة أما عن الأنواع الحيوانية فهي عرضه للصيد الجائر مما يهدد باختفاء العديد من الطيور و الأنواع النادرة من الغزلان و التي تتعرض للصيد بشكل مكثف.
لم تبقى الجزائر مكتوفة الأيدي في مواجهه هذا التناقص فقد اتخذت عده تدابير مند عام 1980
كان الهدف منها حماية الأنواع و الأماكن التي تتمتع بطبيعة خاصة سواء لتكوينها البيئي أو لهشاشتها من هذه التدابير إنشاء المنتزهات الوطنية و حصر الأنواع النباتية و الحيوانية منذ عام 1997 كما تم إنشاء 10 منتزهات وطنيه تمثل النظم البيئية المختلفة و وضع قوانين تنظم التعامل مع هذه الموارد مثل القانون رقم 509-83 و المتعلق بحماية الحيوانات البريه و القانون 252-95 و المتعلق بالأنواع النباتية الغير مزروعة و حمايتها إلا أن هذه القوانين تبقى محدودة و ل تفي بحجم الموضوع و أهميته أضافه لكونها في الأغلب عرضه للخرق أو التساهل في تطبيقها.
السوءال المطروح هو ما الذي يجب أن نفعله لتطوير إستراتيجية الحفاظ على التنوع البيولوجي مما يتيح حسن استغلال هذه الموارد بطريقه عقلانية و صحيحة
ألا جابه على هذا السوءال هي انه لكي نستطيع تطوير استراتيجية التعامل مع هذه الثروة الطبيعية نحن بحاجة لتحسين آليات التعرف عليها و تحديدها و ذلك باستخدام إمكانيات الجامعات و مختبرات الأبحاث المتخصصة في الاستشعار عن بعد و نظم المعلومات الجغرافية و التي أصبحت وسائل فعاله في السيطرة و التعرف على التركيبة النباتية وتطور المحيط الطبيعي هذا بالاضافه لاستخدام قواعد المعلومات كتقنيه مفيدة في جمع الأنواع الموجودة و المساعدة على تحديد مواطنها و تصنيفها كما أنها تكون بمثابة أرشيف وطني للثروات الموجودة مما يسهل تتبع حالتها .
كما يجب القيام بدراسات لتحديد القيمة الاقتصادية لهذه الثروات مما يتيح حسن استغلالها هذا بالاضافه إلى تحسين التشريعات التي تحكم التعامل مع هذه الموارد ووضع ضوابط صارمة لها كما يجب تشجيع الاستثمار في مجال حماية البيئة و إنشاء المنتزهات و الحدائق العامة كجزء من منظومة لتطوير وعي المواطن بهذه الثروات و أهميتها .
يجب أيضا وضع و تطوير خطط مقاومة لبعض المشاكل كالتصحر و التلوث و حرائق الغابات كعوامل تهدد هذا التنوع.
كذلك حماية الأنواع النباتية المعرضة للانقراض و إنشاء بنوك لحفظ هذه الأنواع وحماية الأنواع الحيوانية بتقنين عمليات الصيد و محاولة أعاده تربيه الأنواع المنقرضة أو التي في طور الانقراض . كذلك يجب تنظيم عمليه إدخال الأنواع المستوردة و التي قد تخل بالتوازن البيئي ففرض نوع جديد على نظام بيئي متوازن من الممكن أن يؤدي إلى اختلال السلاسل الغذائية و تواجد نوع على حساب نوع أخر. كما يجب التركيز على وضع برامج لتطوير وعي السكان تحديدا في الاما كن الصحراوية و السهبيه باهميه حماية التنوع البيولوجي و مساعده سكان هذه المناطق على حسن أداره الموارد المتوفرة مما يسمح بإشباع الحاجات الاقتصادية دون تدمير الوسط الطبيعي.
في النهاية فان حماية التنوع البيولوجي ليست غاية أو ترف فهو جزء لا يتجزأا من مفهوم التنمية الشاملة و المستدامة و التي لا تقف عند الحاضر ولكن تنظر أيضا إلى المستقبل برؤية واضحة و خطوه ثابتة .

هناك تعليقان (2):